القهوة ليست مجرد مشروب صباحي، بل سلعة استراتيجية تمثل عصبًا اقتصاديًا لعشرات الدول حول العالم، فهي ثاني أكثر سلعة تداولًا عالميًا بعد النفط الخام، وتلعب دورًا حيويًا في توفير مصدر دخل لملايين المزارعين والمصدّرين والموزعين
ومع هذا الحجم الضخم من الإنتاج والاستهلاك، كان لابد من وجود هيئة دولية تنظّم السوق، تدعم الدول المنتجة، وتعمل على تحقيق توازن بين العرض والطلب، هنا جاء دور منظمة القهوة العالمية (International Coffee Organization - ICO)

التي تمثل المظلة الدولية الرئيسية لصناعة القهوة، وتربط بين الدول المنتجة والمستهلكة في حوار مستمر، من أجل تطوير القطاع وضمان استدامته، في هذا المقال من كوفي كيرف، سنأخذك في جولة شاملة داخل تاريخ المنظمة، هيكليتها، أعضائها، أهدافها، وأبرز إنجازاتها وتحدياتها.
نشأة منظمة القهوة العالمية
تأسست منظمة القهوة العالمية عام 1963م في العاصمة البريطانية لندن، كإحدى الوكالات الحكومية الدولية المرتبطة بمنظومة الأمم المتحدة، وجاء تأسيسها بعد توقيع الاتفاقية الدولية للقهوة (ICA) الأولى عام 1962م، والتي كانت بمثابة اتفاق اقتصادي متعدد الأطراف يهدف لتنظيم تجارة القهوة عالميًا
في ذلك الوقت، كان سوق القهوة يعاني من تقلبات حادة في الأسعار بسبب تغيرات العرض والطلب، ما أثر سلبًا على استقرار دخول المزارعين وأرباح المصدرين، ولذلك، جاء الاتفاق الأول ليفرض نظام حصص تصديرية بين الدول الأعضاء، بهدف تحقيق توازن في السوق ومنع الانهيارات السعرية.
أقرأ المزيد عن: الفرق بين قهوة اليوم وV60: اي طريقة تناسب ذوقك اكثر؟
أسباب تأسيس منظمة القهوة العالمية
- تنظيم السوق: الحد من تقلبات الأسعار التي كانت تهدد استقرار المزارعين والدول المنتجة.
- ضمان الجودة: رفع المعايير الإنتاجية لضمان جودة البن في الأسواق العالمية.
- التعاون الدولي: تعزيز الشراكة بين الدول المنتجة والمستهلكة.
- تحقيق الاستدامة: حماية القهوة كسلعة استراتيجية وضمان استمرار إنتاجها للأجيال القادمة.
تطور اتفاقيات منظمة القهوة العالمية
منذ تأسيس منظمة القهوة العالمية أُعيد التفاوض على الاتفاقية الدولية للقهوة عدة مرات:
- 1962: الاتفاق الأول مع نظام الحصص الصارم.
- 1968 و1976 و1983: تعديلات على نظام الحصص لمواكبة التغيرات في السوق.
- 1989: انهيار نظام الحصص بعد خلافات بين الأعضاء على مستويات الأسعار.
- 1994 و2001 و2007: التركيز على التعاون الفني، وتبادل البيانات، وتعزيز الاستدامة.
- 2022: توقيع اتفاقية جديدة تتضمن لأول مرة مشاركة القطاع الخاص بجانب الحكومات، بهدف دمج الشركات والمستثمرين في جهود الاستدامة.
هيكلية وأجهزة منظمة القهوة العالمية
تتكون منظمة القهوة العالمية من:
- المجلس الدولي للقهوة: السلطة العليا في المنظمة، يجتمع مرتين في السنة لاعتماد السياسات ومناقشة التقارير.
- اللجان الاستشارية: مثل لجنة التمويل، لجنة الإحصاء، لجنة التنمية المستدامة.
- الأمانة التنفيذية: يديرها المدير التنفيذي وتشرف على تنفيذ البرامج والمشاريع اليومية.
- مجموعة العمل الفنية: تضم خبراء وممثلين عن الدول الأعضاء، تعمل على الملفات الفنية كتحليل البيانات وتطوير المبادرات.
الدول الأعضاء في منظمة القهوة العالمية وأهميتها في السوق العالمي
تضم المنظمة نحو 98% من الدول المنتجة للبن و67% من الدول المستهلكة، مما يجعلها الجهة الأكثر تمثيلًا لسوق القهوة.
الدول المصدرة
تشمل 44 دولة، من أبرزها:
- البرازيل (أكبر منتج عالميًا)
- كولومبيا
- إثيوبيا
- فيتنام
- إندونيسيا
- هندوراس
- أوغندا
- اليمن
الدول المستوردة
تشمل جميع دول الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى:
- الولايات المتحدة
- اليابان
- المملكة المتحدة
- روسيا
- النرويج
- سويسرا
المبادرات والمشاريع التي تقودها منظمة القهوة العالمية

دعم الجودة – Cup of Excellence
برنامج يهدف لاكتشاف أفضل أنواع القهوة في الدول المنتجة عبر مسابقات ومزادات عالمية، مما يرفع دخل المزارعين المتميزين.
منصة القهوة العالمية (GCP)
شراكة مع القطاع الخاص والحكومات لتعزيز ممارسات الاستدامة وتحسين دخل المزارعين.
البرامج الإحصائية
تقدم المنظمة تقارير شهرية وسنوية عن الإنتاج، الصادرات، الأسعار العالمية، والاستهلاك.
مشاريع التنمية المستدامة
تعمل على تدريب المزارعين، تحسين سلاسل الإمداد، والحد من الأثر البيئي للإنتاج.
دور منظمة القهوة العالمية في الاستدامة وحماية المزارعين
- تحسين الدخل: برامج لربط المزارعين بالأسواق ذات الأسعار العادلة.
- الاستجابة لتغير المناخ: دعم زراعة أصناف مقاومة للجفاف والحرارة.
- تمكين المرأة والشباب: تشجيع مشاركتهم في الزراعة وصناعة القهوة.
الإحصائيات الحديثة لإنتاج واستهلاك القهوة
وفق بيانات ICO لعام 2023:
- الإنتاج العالمي: حوالي 170 مليون كيس (60 كجم لكل كيس).
- الاستهلاك: نحو 167 مليون كيس.
- البرازيل وفيتنام تشكلان معًا أكثر من 50% من الإنتاج العالمي.
- الاتحاد الأوروبي هو أكبر مستورد، يليه الولايات المتحدة.
التحديات التي تواجه سوق البن ودور منظمة القهوة العالمية في مواجهتها
- تقلبات الأسعار العالمية
- التغير المناخي وتأثيره على مناطق الزراعة
- ارتفاع تكاليف الإنتاج
- تذبذب الطلب في الأسواق الناشئة
تواجه المنظمة هذه التحديات عبر تطوير بيانات دقيقة، دعم الأبحاث الزراعية، وتسهيل الحوار بين المنتجين والمستهلكين.
رؤية منظمة القهوة العالمية لسوق القهوة العالمي
تركز المنظمة على:
- دمج التكنولوجيا في زراعة وتجارة القهوة.
- تعزيز الشفافية في سلاسل توريد القهوة.
- زيادة الطلب على القهوة المستدامة و المعتمدة.
- دعم الابتكار في المنتجات مثل القهوة المختصة والجاهزة للشرب.
الأسئلة الشائعة عن منظمة القهوة العالمية
أين يقع مقر منظمة القهوة العالمية؟
تقع منظمة القهوة العالمية في لندن، المملكة المتحدة.
هل منظمة القهوة العالمية حكومية أم خاصة؟
منظمة القهوة العالمية هي منظمة حكومية دولية تابعة للأمم المتحدة.
ما الفرق بين الدول الأعضاء المصدرة والمستوردة في منظمة القهوة العالمية؟
الدول المصدرة تنتج وتصدر البن، بينما الدول المستوردة تستهلك وتستورد كميات كبيرة من البن من الأسواق العالمية.
كيف يمكن لدولة الانضمام في منظمة القهوة العالمية؟
عبر التوقيع والمصادقة على الاتفاقية الدولية للقهوة، والالتزام بسياسات المنظمة.
ما فائدة منظمة القهوة العالمية للمستهلكين؟
تساهم في ضمان جودة البن واستدامة امداداته، ما ينعكس على توفر المنتج للمستهلك بأسعار مستقرة وجودة عالية.
منظمة القهوة العالمية ليست مجرد كيان إداري، بل هي العمود الفقري لصناعة القهوة العالمية، تربط بين ملايين المزارعين والمليارات من المستهلكين. من خلال سياساتها ومبادراتها، تسعى لضمان أن يظل هذا المشروب جزءًا مستدامًا من حياتنا اليومية.
في كوفي كيرف، نؤمن أن معرفة القارئ بخلفية هذه المنظمة تمنحه تقديرًا أعمق لكل كوب قهوة يحتسيه، ووعيًا بأهمية دعم القهوة المستدامة، شاركنا رأيك: كيف ترى مستقبل القهوة في ظل التحديات العالمية الحالية؟
قد يهمك أيضاً: طريقة تحضير القهوة التركية بالركوة – النكهة الاصيلة في فنجان