تاريخ القهوة - من بداياتها في إثيوبيا إلى انتشارها عالميًا

١٠ يوليو ٢٠٢٥
yousuf serdah
تاريخ القهوة - من بداياتها في إثيوبيا إلى انتشارها عالميًا

من فنجان صغير في قرية إثيوبية إلى مشروب يُستهلك مليارات المرات يوميًا حول العالم، قطعت القهوة رحلة لا تُصدَّق عبر القارات والثقافات والتقاليد، اليوم، تُعد القهوة أكثر من مجرد مشروب، إنها طقس صباحي، ووسيلة تواصل

وجزء لا يتجزأ من الحياة اليومية لملايين البشر، في هذا المقال، نأخذك في جولة عبر تاريخ القهوة من أصولها الأسطورية إلى انتشارها في العالم، وكيف أصبحت جزءًا من الفنون والمجتمع والهوية الثقافية في أماكن عديدة.


من أين بدأت القهوة؟

تشير الأسطورة الأكثر شهرة إلى راعٍ إثيوبي يُدعى "كالدي"، لاحظ أن ماعزه أصبحت نشطة بطريقة غير عادية بعد تناولها ثمار شجرة حمراء، جرب كالدي الثمار بنفسه ولاحظ تأثيرها المنشط

ليأخذها لاحقًا إلى أحد الأديرة، حيث قام الرهبان بغليها لاستخدامها في السهر والعبادة، على الرغم من أن هذه القصة غير موثقة تاريخيًا، إلا أنها تمثل المدخل الشعبي لقصة القهوة.

إثيوبيا واليمن المهد الحقيقي للقهوة

بغض النظر عن صحة الأسطورة، يتفق معظم المؤرخين على أن موطن القهوة هو إثيوبيا، ومن هناك شقت طريقها إلى اليمن في القرن الخامس عشر، حيث أصبحت جزءًا أساسيًا من التقاليد الصوفية والدينية

في اليمن، نضجت القهوة كمشروب اجتماعي وروحي، كانت تُحضر على شكل مشروب غامق يعرف بـ"القهوة الصوفية"، وكان الصوفيون يشربونه للبقاء يقظين خلال ليالي الذكر والعبادة.

القهوة كطقس اجتماعي وروحي

القهوة لم تكن مجرد مشروب في اليمن، بل أصبحت عادة يومية مرتبطة بالضيافة والجلسات الاجتماعية، استخدمها الصوفيون للبقاء مستيقظين خلال ليالي العبادة الطويلة

وبدأت تنتقل إلى المساجد والبيوت والمجالس، كانت القهوة تُقدم دائمًا بحرص، وتُعامل كرمز للكرم والترحاب، وكان يتم تحضيرها باستخدام أدوات تقليدية لا تزال تُستخدم حتى اليوم.

القهوة تجتاح العالم الإسلامي

بحلول القرن السادس عشر، انتشرت القهوة إلى مكة والمدينة ثم إلى القاهرة ودمشق وإسطنبول، ومع انتشارها، ظهرت المقاهي لأول مرة، والتي أصبحت تُعرف بـ"مدارس الحكماء"، لأنها كانت أماكن للحوار الثقافي والنقاش الاجتماعي.

المقاهي مراكز حضارية

في إسطنبول ودمشق والقاهرة، أصبحت المقاهي نقطة التقاء للعلماء والشعراء والفنانين والتجار، لم تكن المقاهي مخصصة فقط لشرب القهوة

بل كانت منصات للحوار الفلسفي، والاجتماعي، والسياسي. وتم تطوير طرق تقديم القهوة، وانتشرت وصفات متعددة لتحضيرها.

القهوة في الدولة العثمانية

تبنّى العثمانيون القهوة بقوة، وتم تطوير أدوات مثل "الركوة" لتحضير القهوة التركية، والتي ما زالت تُستخدم إلى يومنا هذا، انتشرت القهوة كجزء من تقاليد الضيافة، وارتبطت بالاحتفالات والأعراس والمناسبات الاجتماعية

في ذلك الوقت، كانت القهوة تؤخذ على محمل الجد، لدرجة أن بعض الزوجات في الدولة العثمانية كُنّ يستخدمن عدم توفر القهوة في البيت كسبب للطلاق.

القهوة تصل إلى أوروبا

دخلت القهوة أوروبا من بوابة البندقية الإيطالية في القرن السابع عشر، وكان ينظر إليها في البداية بشكٍ وحذر، بل وُصفت أحيانًا بـ"مشروب المسلمين"

لكن مع الوقت، تحول الرأي العام عندما تذوقها البابا كليمنت السابع وأعجب بها، فباركها واعتبرها مشروبًا مسيحيًا.

أولى المقاهي الأوروبية

افتتح أول مقهى في إنجلترا عام 1652، وسرعان ما انتشرت المقاهي في باريس، فيينا، وأمستردام، لم تكن مجرد أماكن لشرب القهوة، بل مراكز للحوار الفكري والثقافي

حتى أن بعضها كان يُلقب بـ"جامعات بنس واحد"، كما أن بعض الكتاب الأوروبيين مثل فولتير وبالزاك كانوا مدمنين على القهوة وكتبوا الكثير من أعمالهم في المقاهي.

القهوة تصل إلى الأمريكتين

تسللت القهوة إلى الأمريكتين عن طريق المستعمرين الأوروبيين، الهند، سيلان (سريلانكا)، إندونيسيا، ومن ثم أمريكا الجنوبية كانت محطات زراعة أساسية.

البرازيل وتصدر المشهد العالمي

في القرن التاسع عشر، أصبحت البرازيل المنتج الأول عالميًا للبن، وهي مرتبة تحتفظ بها حتى اليوم، كما أسهمت أمريكا في نشر ثقافة القهوة المختصة وابتكارات التحميص والتحضير، وقد ساعدت التربة والمناخ في البرازيل على جعلها أرضًا مثالية لزراعة البن.

ثقافة القهوة في أمريكا

في الولايات المتحدة، بدأت ثقافة "الكوفي شوب" تتطور منذ أواخر القرن التاسع عشر، وتسارعت مع حركة القهوة المختصة في السبعينات، قاد هذا التوجه إلى تأسيس سلاسل مشهورة مثل ستاربكس، وانتشرت عادة احتساء القهوة أثناء التنقل.

انتشار القهوة في آسيا وأفريقيا

انتشار القهوة في آسيا

الهند كانت من أوائل الدول التي زُرعت فيها القهوة خارج الجزيرة العربية، تلتها إندونيسيا وسريلانكا والفيليبين، في اليابان، طوّرت القهوة المختصة بشكل فني ومهني، وفي كوريا، أصبحت المقاهي من مظاهر الحياة الحضرية العصرية.

انتشار القهوة في إفريقيا

رغم أن القهوة بدأت من إثيوبيا، فإن كثيرًا من دول إفريقيا مثل كينيا ورواندا أصبحت من كبار منتجي البن، وتُعرف هذه البلدان ببنها الفاخر ذا الطابع الحمضي والزهري.

القهوة وتطور تقنيات التحضير

مع انتشار القهوة، تطورت أدوات تحضيرها، من الدلة والركوة، إلى الإبريق الفرنسي، والموكا بوت، وآلة الإسبريسو، والآيروبريس، والـV60.

ثورة القهوة المختصة

في القرن الحادي والعشرين، تطورت مفاهيم القهوة المختصة، التي تركز على جودة الحبة، وطرق التحميص، وتقنيات الاستخلاص، وكل مرحلة في سلسلة الإمداد، أصبح الاهتمام ببلد المنشأ، وارتفاع المزرعة، وطريقة المعالجة، أمورًا جوهرية في تقييم جودة البن.

الجانب الثقافي والاجتماعي للقهوة

القهوة كمصدر إلهام

ارتبطت القهوة دائمًا بالإبداع والفنون. في الأدب، ألهمت القهوة كتابًا مثل محمود درويش وغسان كنفاني، في السينما، ظهرت القهوة كرمز للدفء أو العزلة، وفي الموسيقى، غُنّيت القهوة في الأغاني الطربية والشعبية.

المقاهي كمنصات فكرية

تاريخيًا، كانت المقاهي فضاءات للتفكير، والنقاش، والتخطيط السياسي، من باريس إلى إسطنبول، كانت المقاهي تُنظم فيها الثورات، وتُناقش فيها نظريات فلسفية. واليوم، لا يزال الكثيرون يعتبرون المقهى مكانهم المفضل للعمل أو الإبداع.

القهوة في المملكة العربية السعودية

القهوة في السعودية أكثر من مجرد مشروب، إنها تقليد وكرم وضيافة وهوية وطنية، تم اعتماد القهوة السعودية رسميًا كرمز ثقافي، وأُدرجت في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي.

في السنوات الأخيرة، تطورت ثقافة القهوة في السعودية، فظهرت المقاهي المتخصصة، وازدادت شعبية القهوة المختصة، وانتشرت ورش تعليم التذوق و التخميص، هذا النمو الكبير في السوق انعكس على جودة المنتجات وتنوع الخيارات.

تأثير القهوة على الاقتصاد العالمي

يعمل في صناعة القهوة أكثر من 120 مليون شخص حول العالم، تُعد ثاني أكثر سلعة تداولًا عالميًا بعد النفط، وتشمل الصناعة: الزراعة، التصدير، التحميص، التوزيع، والمقاهي، هذا الامتداد الكبير جعل القهوة عنصرًا أساسيًا في الاقتصاد العالمي.

لم تتوقف القهوة عند كونها مشروبًا محبوبًا، بل أصبحت سلعة اقتصادية هائلة، كانت القهوة تُتاجر مثل الذهب والفضة، وظهرت بورصات للقهوة في أوروبا، أسست المقاهي علاقات تجارية بين التجار، وسرعان ما أصبحت جزءًا من البنية الاقتصادية للمدن الكبرى.

أهم الأسئلة الشائعة حول تاريخ القهوة

هل بدأت القهوة فعلًا في إثيوبيا؟

نعم، تعتبر إثيوبيا الموطن الأصلي لحبوب البن، رغم أن اليمن لعبت الدور الأكبر في تطويرها كمشروب.

متى وصلت القهوة إلى أوروبا؟

في القرن السابع عشر، أولًا إلى إيطاليا، ثم إلى بقية دول القارة.

لماذا تُعتبر البرازيل أكبر منتج للبن؟

لأنها تمتلك المناخ والتربة المثالية، إلى جانب استثمارات هائلة في زراعة البن.

ما الفرق بين القهوة العربية والقهوة المختصة؟

القهوة العربية تُحضر بأسلوب تقليدي باستخدام الهيل والماء، بينما تركز القهوة المختصة على نوع الحبة وطريقة التحميص والاستخلاص.

ما دور المقاهي تاريخيًا؟

كانت مراكز للحوار الثقافي والسياسي والاجتماعي، ولعبت دورًا في تغيير أفكار الشعوب.

في كوفي كيرف، نحتفي بالقهوة كحكاية ممتدة عبر الزمن، تجمع بين الأصالة والحداثة، نؤمن أن كل فنجان يحكي قصة، من المزارع إلى الكوب،

ولهذا نحرص على تقديم أدوات القهوة المختصة، وآلات التحضير الاحترافية، ومستلزمات الباريستا بعناية فائقة، إذا كنت تبحث عن تجربة قهوة متكاملة ... ابدأ رحلتك مع "كوفي كيرف" اليوم.